يعود نسب سيدنا أيوب عليه السلام إلى سيدنا إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، وذلك كما ورد في قوله تعالى " وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " سورة الأنعام .
وكان سيدنا أيوب عليه السلام يمتلك أموالا هائلة حيث كان يمتلك العديد من المواشي والأنعام والأراضي الواسعة، كما ورد في كتاب قصص الأنبياء لابن كثير فقد كانت أرض الثنية من أرض حوران في بلاد الشام ملكا له، كما كان لديه الكثير من الأبناء والأقارب .
إلا أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يختبر صبر سيدنا أيوب عليه السلام فابتلاه بمرض لم يبقه سليما إلا في قلبه ولسانه ، كما أنه فقد أبنائه وخسر أمواله الطائلة التي كان يمتلكها حتى أصبح رجلا ضعيفا لا حول له ولا قوة ، ولم يعد أحد يزوره من أقاربه وأصدقائه سوى زوجته الصالحة التى ظلت ترعاه طيلة فترة مرضه وعملت في خدمة الناس بمقابل مادي حتى تستطيع أن تطعم زوجها وتخدمه ، وظل نبينا عليه السلام مريضا وفقيرا طوال ثمانية عشر عاما ، وبالرغم من كل المصائب التي حلت به فلم يتوانى عن حمد الله وشكره وازداد صبره صبرا كثيرا إلى أن أصبح يضرب له المثل في صبره .
ولما اشتد عليه الحال ولم يعد يقوى على شيء تضرع إلى ربه ودعاه كما ورد في سورة الأنبياء " وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " وفي سورة ص " وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ " .
عندما لجأ سيدنا أيوب عليه السلام إلى الله سبحانه وتعالى وتضرع له طالبا منه الرحمة ، استجاب له الله وأمره بأن يضرب الأرض برجله ، فظهر له منبع عين فأمره الله بالاغتسال من المياه النابعة من العين ، وعندما نفذ أمر الله تعالى خرج من بدنه جميع الأذى الذي كان يلم به طيلة تلك السنوات ، ثم أمره الله مرة أخرى أن يضرب الأرض ثانية في مكان آخر ، ففعل نبينا أيوب وأخرج من مكان الضربة نبعا بعين أخرى ، فأمره سبحانه وتعالى أن يشرب من مياهها ، فخرج من باطنه كل الألم الذي كان يشعر به ، فعادت له عافيته من الباطن والظاهر ، وذلك كما ورد في سورة ص " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ " .
وردت أقاويل متضاربة حول قوله سبحانه وتعالى " وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ " حيث اختلف المفسرون حول من وقع عليه الضرب وما هو سبب الضرب المشار إليه في الآية الكريمة ، والصحيح كما ورد في تفسير ابن كثير بأنه في يوم من الأيام اشتد غضب سيدنا أيوب عليه السلام على زوجته في أمر كانت قد فعلته أثار غضبه ، وحلف بأنه عندما يشفى من مرضه سوف يضربها مئة جلدة ، وعندما شوفي من مرضه واستعاد عافيته لم يرد أن يجزي زوجته التي أحسنت معاملته ونذرت لخدمته طوال فترة مرضه بالضرب ، فأمره الله تعالى بأخذ " ضغثا " أي أغصان عددها مائة غصن ، فيضربها به ضربة واحدة ليستوفي نذره .
ليست هناك تعليقات: